نبذه عن العمل التطوعي

نبذة عن التطوع

العمل التطوعي إنّ من الجميلِ أن يمنحَ الإنسانُ ما يَعدّه ثميناً للآخرين دونَ انتظارِ مقابل، إذ لا يوجدُ ما هو أغلى من الوقت والمال، فأن يهبُ الإنسان جُزءاً من وقته أو ماله أو جهده، فهو في عِداد المُتطوعيّن الساعين لخير المجتمعِ والإنسانيّة؛ حيثُ يُعدّ العمل التّطوعيّ ركيزة من الرّكائز الهامة لرفعة الوطن وإنماء المُجتمعات، ونشر قيم التّعاون والترابط بين النّاس، إضافةً لكونه سلوكاً إنسانيّاً فريداً يدلُّ على مقدار عالٍ من العطاء والبذلِ وحبّ الخير للإنسانية جمعاء.[١] يُعرَفُ العمل التّطوعي بأنّهُ الجهدُ الذي يبذلهُ فردٌ أو مجموعةٌ من الأفراد من تلقاء أنفسهم لا جبراً أو إكراهاً، ودون انتظارِ مردودٍ ماديّ منه، سواء أكان الجهدُ المبذول فكريّاً أم بدنيّاً أم ماديّاً أم اجتماعياً، في سبيل أخذ الأجرِ والثّواب من الله تعالى، ورفعة المجتمع وتنميته.[٢][٣] أهمية العمل التطوعيّ في حياة الفرد للعمل التطوعيّ في حياة الفرد الكثير من الفوائد ، منها:[٤][٥] جعل حياة الفرد ذات بعدٍ آخر؛ فمع ممارسة العمل التطوعيّ لم يعد الفرد مهتماً فقط بحاجاته الشخصيّة، بل تعدى الأمر إلى الاهتمام بشؤون الآخرين وحاجتهم أيضاً. تغيير نمط الحياة العاديّة للفرد، حيثُ يكسر التطوع الروتين الحياتيّ الذي عوّد الفرد نفسه عليه، كالذهاب إلى العمل يوميّاً، والخروج مع الأصدقاء، ومشاركة العائلة اليوميات والمناسبات وغيرها. شعور الفرد بالراحة النفسيّة، وذلك عند بذله جهداً لإسعاد الآخرين، وشعوره بالسلام الداخلي، والفخر بما قدمه، عندما يُراجع إنجازاته التطوعيّة بينه وبين نفسه. تطوير الفرد لمهاراته الشخصيّة: سواء المهارات الكلاميّة، أو مهارات التواصل مع الآخرين، أو مهارات التكيف والتعامل مع مختلف الشخصيات والظروف، وهذا بسبب التنقل من شكلٍ تطوعيٍّ إلى آخر، والتعرف على ظروف الناس وأحوالهم، فلم يعد الفرد حبيس غرفته، أو مرهوناً فقط بالعمل، والمنزل، والأصدقاء. التعرف على أشخاص جدد، وبناء شبكة علاقات مميزة، فمن خلال العمل التطوعيّ سيلتقي الفرد بالعديد من زملائه المتطوّعين الذين سيتأثر بهم حتماً ويؤثر فيهم، وسيبني معهم جسور تواصل يستفيد منها هو شخصياً، كما يُفيد بها الفئات المنتفعة من العمل التطوعيّ. الحصول على الأجر والثواب من الله عزّ وجل، فالعمل التطوعيّ يندرج تحت إطار فعل الخيرات. استثمار أوقات الفراغ بما هو مُفيد. يقوّي الشخصيّة ويرفعُ من قيمة قدرات الفرد العلمية والعمليّة. يُعرّف الفرد بقيمة جهوده وبجدواها. يفتح للأفراد أبواباً كثيرةً من التفاعل والمشاركة والعلاقات، بالإضافة إلى أنّه يُعلّمه ترتيب الأولويات وكيفية اتّخاذ القرارات. ينقلُ الفردَ من حالة الخمول إلى الإنتاج، والاستفادة من هذه الطاقات بأفضل وسيلة.[٣] يوجّه أوقات الفراغ التي يملكها الشّبابُ نحو أعمالٍ تفيدهم وتفيد المجتمعَ بأسلوبٍ مُجدٍ.[٣] تعلم العمل ضمن فريق: إنّ الأعمال التطوعية تنفذ في أغلب الأوقات في خطة جماعية تتضمن مجموعة من الأشخاص المختلفين، ومن كلا الجنسين، ومن جميع الأعمار، لذلك فهي تتيح الفرصة للشخص العمل ضمن فريق متكامل، وتجعله قادراً على التعامل مع مجموعة من الأشخاص المختلفين لإنجاح وإنجاز العمل. اكتساب خبرات جديدة: عندما يبدأ الشخص بالعمل التطوعي يبدأ ببذل المجهود بشكلٍ تلقائي لإنجاح وإتقان المشروع الذي يعمل به، وبالتالي يكتسب خبرات مختلفة ومتعددة في عدة مجالات، وتكون هذه الخبرات عملية ومهمة للشخص في حياته اليومية، لذلك فهي تعتبر أهم من تلك التي يدرسها في المدارس والجامعات. أهمية العمل التطوعيّ للمجتمع للعمل التطوعيّ فوائد على حياة المجتمع ، منها:[٦][٥] زيادة التكاتف بين أفرد المجتمع، وتقوية العلاقات الإنسانيّة. تطور المجتمع من جميع النواحي؛ فقوة العلاقات الإنسانيّة تدفع نحو التنوير الثقافي والفكري، الذي يدفع بعجلة التقدّم إلى الأمام في المجتمعات على اختلافها. القضاء على العوز قدر الإمكان، فكثيراً ما يتم التطوع من أجل جمع تبرعات ماليّة، للمحتاجين وطلبة الجامعات، أو انتماء الأفراد المتطوعين للعمل في مؤسسةٍ ما تتكفل بعلاج مرضى السرطان، أو تهتم بتقديم الرعاية لهم ولذويهم. تعزيز التنافس الإيجابي بين الأفراد والجماعات، فالتطوع حاله كحال العديد من المجالات الإنسانيّة، التي يسعى الفرد من خلالها إلى تطوير عمله وأدائه بالمقارنة مع الآخرين، وهذا بالمحصلة ما ينعكس إيجاباً على المجتمع، وعلى الأفراد الذين تُقدَّم لهم خدمة التطوع، فالفرد المريض أو الفقير أو الذي تتهدده المخاطر كالحروب والكوارث الطبيعيّة سينطلق من جديد نحو الحياة، عندما يلقى أحداً إلى جانبه، ويتلقى المساعدة من الآخرين على تخطي العقبات أمامه، والمضي قُدماً نحو الحياة. استثمار الأموال التي يتم إنفاقها دون جدوى، في مجالات خدميّة تطوعيّة ذات أهميّة قصوى في المجتمع؛ كبناء مدرسة لنازحي الحروب، أو المساعدة في ترميم بيوت الصفيح مثلاً في منطقةٍ نائية، أو إمداد القرى البعيدة بشبكات مياه وصرف صحي ذات جودة عالية. يزيدُ أواصر المحبّة والترابط بين النّاس، كما يُعلي من نمائهم الاجتماعيّ وتماسكهم. يعملُ على تنمية المُجتمعات، ويُعلّي من قيم الولاء والانتماء للوطن. يسدُّ الثغرات والعجز في احتياجات المُجتمع من بعض المهارات.[٣] يُساعد المؤسسات الرسمية والهيئات والجمعيات باحتياجات المجتمعِ الحقيقية.[٣] دوافع العمل التطوّعي هُناك الكثيرُ من الأمور التي تدفعُ الأفراد والهيئات المختلفة للتطوّع وممارسة العمل التّطوعي رغم ما يحتاجه من وقتٍ وجهدٍ ومال، منها ما يتعلّق بالشّعور الذي يأتي بعد إنهاء العمل التطّوعي، ومنها ما لا يتعلّق به، لكنّ كلّ الدوافع هذه تتكاثف وتتشابك ليأتي في نهاية الأمر التزام ومسوؤلية حقيقية يدفعُ الفرد لبذل كل جهده في هذه الأعمال[١]، ومن هذه الدّوافع ما يلي: دوافعٌ دينيّة: حيثُ يسعى هُنا الفرد لنيل رضا الله وثوابه.[٥] دوافع نفسيّة: حيثُ يسعى هُنا الفرد للشعور بالرّاحة النفسية لكونه قدّم قيمةً حقيقيةً للمجتمع وشارك في مسيرةِ العطاء.[١] دوافعُ اجتماعيّة: حيثُ يسعى الفردُ تطوير المجتمعِ وإنمائه ووضعِ بصمته وأثرهِ في مسيرة العطاء وتحقيق الانتماء له فعلاً لا قولاً.[٥] دوافعٌ شخصيّة: تتشكّل هذه الدّوافع لأسبابٍ خاصّة بكلّ فرد، وهي ما تحملهُ على المشاركة في مسيرة العمل التّطوعي وإنجاحها وإنجازها بأفضلِ شكلٍ ممكن.[٥] دوافع قيمية: تأتي هذه الدّوافعُ من مجموعةٍ من القيم المغروسة في نفس الفردِ والتي تحثّه على المشاركة وإعانة مجتمعه وتطويره.[٥] ولكن؛ يجبُ القولُ أنّ هذه الدوافع لا تتشابه في جميعِ المجتمعات؛ حيثُ تختلفُ المجتمعاتُ في كثيرٍ من الأمور كالفئة العظمى المُشكِّلة لها، والخلفية الثقافية والعلمية للأفراد، ففي المجتمعات المتقدّمة ينخرطُ أبناؤها في الأعمال التّطوعية لدوافع اجتماعيّة في معظم الأحيان؛ لتحقيقِ إنجازاتٍ على صعيد العلاقات المجتمعيّة والتّعامل مع الآخرين ونشرِ الوعي الاجتماعيّ بينهم، بينما إذا قورن الأمرُ بالمُجتمعات النّامية، فلا شكّ في أنّه سيختلفُ بشكلٍ كبير؛ حيثُ يدفعُ الأفراد في هذه المجتمعات غالباً دوافعُ قيمية ولربّما دينية إن كان الدّين ذو منزلةٍ عالية في المجتمع.[١] أنواع العمل التطوّعي يُقسمُ العمل التطوعي إلى قسمين، هُما كالآتي:[٥] العمل التطوّعي المؤسّسي: ويمتازُ هذا النّوع بأنّه ذو تنظيمٍ وتماسكٍ واستمرارٍ عالٍ؛ ممّا يُوسّع دائرة تأثيره لتشمل أكبر فئة ممكنة من المجتمع، ويتطوّع الأفراد ضمن بوتقةٍ مؤسسيّة تطوعية أو خيريّة؛ لأجلِ خدمة المجتمع الذي يعيشون فيه في المجال الذي يبرعون فيه ويُفضّلونه. العمل التطوّعي الفرديّ: وهو العملُ الذي يقوم به فردٌ واحدٌ من تلقاء نفسه وبرغبةٍ منه، ومن أمثلته الطّبيب الذي يُقدّم جزءاً من وقته لعلاج المرضى غير المقتدرين ماليّاً، والطّالبُ الذي يُساعد عجوزاً في قطعِ الشّارع وهو في طريقه لمدرسته، ويُصنّف العمل التطوّعي الفردي إلى مستويين، هُما كالآتي:[٧] مستوى الفعلِ التّطوعيّ: وهو الجهدُ المبذول من قبلِ فردٍ برغبةٍ منه بعدَ تفكيرٍ دون أن يكون استجابةً لردّ فعلٍ أو حالةٍ طارئة، ومن أمثلته: الأفراد الذين ينخرطون في أعمال تطوّعية تتميز بالاستمرارية؛ كالتّطوع في مراكز محو الأميّة مثلاً، أو كمن يُقدّم مالاً لهيئاتٍ خيرية تُعنى بالعناية بكبارِ السّن أو الأيتام، أو كمن يُقدّم وقته وفكرهُ للحديثِ عن قضيّة أو حدثٍ ما يُفيد البشرية أو يزيد من وعي النّاس. مستوى السلوك التطوّعي: وهو الجهدُ المبذول من قبل شخص برغبةٍ منه استجابةً لحدثٍ أو أمرٍ طارئ أو ردّ فعلٍ مُعيّن، ومن أمثلته أن يُسارع فردٌ لإسعافِ شخصٍ آخر أُصيبَ في حادثٍ ما حصل أمامه، أو يعاجلُ في إنقاذِ شخصٍ يكادُ يغرق، ويقومُ الفردُ بكلّ هذا استناداً على مبادئ وغاياتٍ أخلاقيةٍ وإنسانيّة في نفس المتطوّع، دون انتظارَ مردودٍ ماديّ. التطوّع في الإسلام شجّع الإسلامُ على الانخراط في مسيرة الأعمال التّطوعيّة؛ لكونه يُعززّ تكافل المُجتمعات وانتشارَ القيم الاجتماعية بين أفراد المُجتمع، وقد بيّنت الكثير من الآيات والأحاديثُ النّبويّة ذلك عبرَ سردِ فضلِ أعمال الخير وأثرها، ومنها: قول الله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).[٨] قولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: (من كان معه فضلُ ظهرٍ فليَعُدْ به على من لا ظهرَ له، ومن كان له فضلٌ من زادٍ فليَعُدْ به على من لا زاد له).[٩] قول الله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[١٠]